Sabtu, 10 November 2012
المدح في كل عصر
المدح
أ. مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه و على آله وصحبه وسلم و بعد.
فلا شك أن الأدب الأندلسى شعرا ونثرا، وتعددت الأغراض والموضوعات التي حملها الشعر العربي قديمه وحديثه، إذ يجد الباحث فيه: الفخر والحماسة، والمدح، والهجاء، والغزل، والرثاء، والوصف، والزهد، وغير ذلك. فهذا بحث المدح في الأدب الأندلسى الذي سنقدم لديكم يتكون عن المدح من جهة تاريخه، ونوعه، وأشهر شعرائه في مد العصور. وسيأتى مبحثه في الفقرة التالية، إن شاء الله.
ب. معنى المدح
جاء في الصحاح في اللغة : ( مدحه: أحسن الثناء عليه،ونقيضه الهجاء، والمدح بمعنى الوصف الجميل يقابله الذم، وبمعنى عدّ المآثر ويقابله الهجو) ، وجاء في لسان العرب : ( المدح نقيض الهجاء ، وهو حسن الثناء) ، وجاء في تاج العروس : (المدح هو الثناء الحسن ) .
المدح في الاصطلاح : الثناء باللسان على الصفات الجميلة خلقية كانت أو اختيارية.
ج. تاريخ المديح
1. المدح في العصر الجاهلى
شُغِل النُّقاد قديماً وحديثاً في بناء قصيدة المدح الجاهليَّة المتماسك، ويبدو أنَّ شعر المدح الجاهليّ لم يستقلَّ بقصيدة غالباً، إنما كان غرضاً في سياق أغراض أخرى تشتمل عليها القصيدة، إلا أنه الغرض الأبرز فيها غالباً. وتنبني المدحة في الشِّعر الجاهليِّ على أربعة عناصر رئيسة هي: المقدِّمة، والرِّحلة، والتَّخلُّص، والمدح. وأسّست قصيدة المدح الجاهليَّة لجملة من المعاني والقيم الأخلاقيَّة الرَّاسخة في الأدب العربيِّ عامَّة، كالكرم والنَّجدة والشَّجاعة والعفَّة والإباء والمَنَعة من النَّاس، وقد أسَّست هذه القيم لأساليب البناء التصويريِّ لها، فالكرم مثلاً مرتبط بصورة البحر وصورة السُّحب وصورة الرِّياح التي تحمل السُّحب الممطرة إلى الأرض القاحلة، وهكذا.
2. المدح في عصر صدر الإسلام
وفي عـصر صدر الإسلام ظهر تيار جديد في المديح، هو مدح النبي. ففي صدر الإسلام برزت بعض معاني المدح الجديدة المنطلقة من قيم الدين الإسلامي، إضافةً إلى بروز بعض الموضوعات الجديدة، ومن أوضح نماذجه لامية كعب بن زهير بانت سعاد التي أنشدها عند عفو النبي الكريم عنه، وصارت إلى عصور متأخرة نموذجًا يُحتذى كما زخرت قصائد حسّان بمديحه للنبي أيضًا.
وبذلك تحوّل المدح من التكسّب إلى التدين، واكتسب فيما عبر به من الأوصاف والتجرد والصدق، بعيدًا عن التكسّب فضلاً عن رسم الصورة الإسلامية للفضائل والقيم الخلقية.
3. المدح في العصر الأموي
ما إن انقضى عهد الخلفاء الراشدين حتى عادت الخصومات بين العرب شبه ما كانت عليه في الجاهلية، فإذا هناك أحزاب تتصارع بالسيف وبالكلمة، ولكل حزب شعراء ينطقون باسمه ويمدحون زعماءه ويروجون لسياسته ويهجون خصومه ويردون على شعرائهم.
وقد تحول الشعر بفعل هذه الأحداث والصراعات من جديد إلى أداة للتكسب وخاصة على أيدي الخلفاء الأمويين الذين شجعوا هذا الأتجاه في الشعر وأغدقوا بسخاء على شعراء المديح الذين توافدوا إلى الشام من كل الأقطار المجاورة، فها هو الأخطل يتوج شاعر البلاط الأموي حيث قال :
ويوم صفين والأبصار خاشعة أمدهـم إذ دعــوا ربهـم مـدد
وكل هذه الظواهر أدت إلى نتائج سيئة في حياة الأدب العربي، فجعلت الشعر أسير المال مقيدا بقيود المادة لم يستطع أن يتخلص من هذا الأرتهان طوال أزمنة طويلة.
4. المدح في العصر العباسى
وأما في العصر العباسي المتأخِّر فإن أجلى صور المدح، تتمثّل في مدائح المتنبي لسيف الدولة؛ إذ هي صادرة عن حب صادق، وإعجاب تام ببطولة سيف الدولة الذي يجسد حلم أبي الطيب بالبطل المخلِّص من اعتداءات الروم. ومن هنا جاءت مدائحه تلك أشبه بملاحم رائعة. وكذلك كان أبو تمام في مدائحه للمعتصم، وبائيته أشهر من أن نذكرها هنا.
وهنا نشير إلى حقيقة مهمة وهي أن المدح في الشعر العربي ـ وإن يكن للتكسب ـ لم يكن في كل الأحوال يعني التملق والبحث عن النفع، بل هو في كثير من الأحيان تجسيد للود الخالص والإعجاب العميق بين الشاعر والممدوح، وهذا مايتضح في مدائح المتنبي لسيف الدولة، فهي تجسيد حي لهذا المعنى الذي أشرنا إليه. فقد كان المتنبي شديد الإعجاب بسيف الدولة ويرى فيه البطل العربي الذي طالما تاقت إليه نفسه، بقدر ماكان سيف الدولة عميق التقدير لأبي الطيب، ويرى فيه الشاعر العربي الفذ الذي طالما تطلعت إليه نفسه الذواقة للشعر، التواقة أبدًا للشاعر الذي يخلّد بطولاته.
5. المدح في العصر الأندلس
انتقل المديح إلى الأندلس بانتقال العرب إليها وراح الشعراء يقلدون أساليب المشارقة، وقد ساعد على أزدها شعر المديح ما حصل من تفرقة الدويلات في عهد ملوك الطوائف وتنافس الأمراء على احتضان أرباب الشعر والكلمة.
أما في عصر الأنحطاط فقد ألح الشعراء على القديم وعادوا يكررونه دون تبديل في صوره ومعانيه حتى سقط الشعر على أيديهم كما سقط العالم السياسي للمسلمين في ظلمات داجية.
6. المدح في العصر الحديث
في العصر الحديث بدأ هذا الفن يزدهر، وأخذت أفكاره تتعمق بنشاط الدولة (البوسعيدية) واتساع رقعتها. وقد ساعد على ارتقائه أن كثيرا من الشعراء كانوا يحاولون التقرب من السلاطين لنيل عطاياهم، فأخذوا يجوّدون فيه كما أن سلاطين (آل بو سعيد) كانوا أشد حرصا واحتفاء بالشعراء الذين يمدحونهم. فقربوا منهم ابن عرابة، وابن رُزيق، والغشرى، والمُجيز، وابن شيخان.
وغالب قصائد المدح كانت تتناول ما يتمتع به الحكام من صفات اشتهروا بها كالشجاعة في مواطن القتال، والمروءة والنبل وقت الشدائد كما أن قصائد المديح كانت تبرز ما قاموا به من أعمال مجيدة كنشر العدل، ووإقامة الحق، وفتح الأمصار. وكان الشعراء يُضْعفون على مدائحهم الروح الوطنية والإسلامية.
د. المدح في الأندلس
وفي هذا العصر حافظ الشعراء المديح على الأسلوب القديم، فاعتنوا بالاستهلال وحسن التخلص، وربما بدؤوا قصائدهم بوصف الخمر أو الطبيعة، أو بلوم الزوجة زوجها لسفره للقاء الممدوح كما في شعر ابن درَّاج القسطلي، وهم لم يغرقوا في استعمال الغريب ما عدا ابن هانئ الذي حاول تقليد المتنبي.
قد اتخذت قصائد المديح في موضوعاتها قيما أربع، أولها: قيما اجتماعيا تعنى بالأخلاق الكريمة والصفات المحمودة، التى توارثها الناس من وحي مجتمعه العىبي. وثانيها: قيما سياسية، شكلّت المعارك والثورات التى دارت في الأندلس رافدا أساسيا لها. وثالثها: قيما دينيّة، تمثّلت في الإشادة بالخلق الدينيّ والسير على منهج الله تعالى. ورابعها: قيما ذاتية، تعبّر عن هموم الفرد التى يبثّها إلى شخص الممدوح القادر على تخليصه منها.
والمدح في الأندلس كان موجهًا إلى الأمراء والخلفاء والحكام. ويتناول جانبين من حياتهم: أولهما الصفات التي يخلعها الشاعر على ممدوحه من شجاعة ووفاء وكرم، والجانب الثاني انتصارات الممدوح التي هي نصر وعزٌ للإسلام والمسلمين، ثم وصف لمعاركهم الحربية. ويتراوح أسلوب المدح بين الجزالة والسهولة، والفخامة والرقة، وفقًا لطبيعة المعاني المعبّر عنها. ولكنه بوجه عام يميل إلى التأنق في العبارة والصياغة. وقد تختلف طريقة بناء قصائد المدح بين شاعر وآخر. فبعضها كان ينهج نهج الأقدمين، فيبدأ بمقدمة طللية ونسيبٍ ووصف للرحلة ثم يتخلص إلى المدح، بينما نجد من الشعراء من يعمد إلى موضوعه مباشرة دون مقدمات. ويقدم صنف ثالث بين يدي ممدوحه شيئًا من الغزل أو وصف الطبيعة أو مجالس الخمر أو الشكوى والعتاب، وعقب ذلك ينتقل إلى المدح.
هـ. أنواع المدح
- المديح الديني - مديح العلماء والأدباء
- مديح الملوك والخلفاء - مديح الأمراء والوزراء والوجهاء
- مديح الأوطان والبلدان
فـ. شعراء المديح
من بعض شعراء المديح في الأندلس هم :
• ابن عبد ربه
هو عبد عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه، ولد في قرطبة سنة 246 للهجرة في أسرة متواضعة من أسر الموالى إذ كان جده سالم من موالى هشام بن عبد الرحمن الداخل، وألحقه أبوه بأحد الكتاتيب. ثم وجهه إلى الدراسة على الشيوخ في جامعة قرطبة الكبرى. وقد استهله بمديح الأمير محمد بن عبد الرحمن، وتوفى فعنى بمديح ابنه المنذر ويؤثر له فيه قوله من مدحه :
بـالمنـذر بن محمـد شَـرُفَـتْ بلاد الأندلـس
فـالطـير فيهـا سـاكـن والوحش فيهـا قد أَنِسْ
وتوفى المنذر وخلفه أخوه عبد الله (275-300 هـ) ويمدحه لأول استيلائه على صولجان الحكم بقصيدة قافية يقول فيها متجاوزا كل حد في المبالغة على عادة الشعراء :
إذا فُتحت جنّات عدْنٍ وأُزلفت فأنت بها للأنبياء رفيقٌ
• ابن عمار
هو أبو بكر مجمد بن عمار من قرية من قرى مدينة شلب يقال لها شنَّبوس. وتعلم العربية والأدب على شيوخ متعددين منهم أبو الحجاج يوسف بن عيسى الأعلم، ثم رحل إلى قرطبة فأكمل فيها تأدبه. ومضى يتقلب في بلاد الأندلس للمديح والاستجداء إلى أن وفد على المعتضد (433-461 هـ) أمير إشبيلية ومدحه بقصيدته الفريدة :
أدرِ الزُّجاجةَ فالنسيمُ قـد انْبرَى والنَّجمُ قد صرف العِنان عن السُّرى
• ابن الحداد القيْسى
هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحداد القيسى من مدينة وادى آش في إلبيرة موطن بنى عقيل وغيرهم من القيسيين. وقد اشتهر بمعارفه الواسعة في الآداب العربية والعلوم الإسلامية وأيضا في الفلسفة والعلوم القديمة. من مثل قوله في إحدى مدائحه :
ويا لك من نهرٍ صئُولٍ مُجَلـْجـلٍ كأن الثَّرى مُـزْنٌ به دائمُ الرَّعْـدِ
كـأن يدَ المـلْك ابنِ معـنٍ محمّـدٍ تُفجِّـره من مَنْبـع الجـود والرِّفْـدِ
فمن جوده ما في الغمامة من حَيًا ومن نوره ما في الغزالة من وَقْدِ
ومنك أخذنا القول فيك جلالةً وما طاب ماءُ الورْد إلا من الورْد
معنى لغوى
صئول: شديد الهياج/ المزن: السحاب المطر/ الرفد: العطاء/الغمامة: السحاب/ الحيا: الغيث والمطر/ والغزالة: الشمس
ومن بعض شعراء المدائح النبوية هم :
• ابن جابر الأندلسى
هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جابر الهوارى من أهل المرية ولد بها سنة 697 وحفظ القرآن واختلف إلى الشيوخ من مثل ابن أبى العيش في العربية ومحمد بن سعيد الرندى في الفقه وأبى عبد الله الزواوى في الحديث. من مثل قوله في إحدى مدائحه :
إنّ رسولَ الله مصباحُ هدًى يُهْدى به مَنْ في دُجَى الليل مشى
إنْ تَحسبِ الرُّسلَ سماءً قد بدتْ فإنّـه في أُفْقـِهـا نَجْـمُ هُـدى
وإن يكـونوا أَنْجُـمًـا في فلكٍ فإنَّـه من بيـنهـم بدرٌ بـدا
أحسنُ أخلاقـاً من الرَّوضِ إذا ما اختال في بُرْدِ الصَّبـا أو ارْتدى
تفديه نفسى من شفيعٍ للورى وقَلَّتِ النفسُ لـه منّى فِـدا
معنى لغوى
دجى: مظلم/ الروض: أرض مخضرة بأنواع النبات/ ارتدى: لبس الرداء
المراجع :
- الصحاح في اللغة ، إسماعيل بن حماد الجوهري ، مادة ( مدح ) .
- لسان العرب ، ابن منظور ، المجلد الثاني ، دار الفكر ودار صادر ، بيروت.
- تاج العروس ، محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، مادة ( مدح ).
. www.muslim.net –
- شوقى ضيف، عصر الدول والإمارات الأندلس، (القاهرة : دار المعارف).
- على عبد الخالق، الشعر العمانى، (دار المعارف ).
- www.alfusha.net
- www.almanqol.com
Langganan:
Posting Komentar (Atom)
Tidak ada komentar:
Posting Komentar